وحوش في الفضاء يمكنها ابتلاع النجوم والكواكب
قبل أن نتحدث عن الثقوب السوداء، سنتكلم عن الكون، فمعظمنا يعلم أن الكون من حولنا شاسع بشكل لا يمكن استيعابه ونحن لا نريد أن نزعجكم بأرقام لا تستطيع العقول التعامل معها ولا تخيّلها، ولكن ببساطه فإن مثل حبّة رمل بالنسبة لصحاري الأرض كلها، كمثل نِسبة حجم الأرض لحجم الشمس، والتي بدورها كذلك ينطبق عليها المثال بالنسبة لنجوم أخرى أعظم منها حجماً، ولكن هذه النجوم أيضاً بعظمتها وقدرتها على جذب الكواكِب حولها، لا تمثّل شيئاً يذكر بالنِسبة لحجم المجرات، والمجرات تعتبر نقاط صغيرة في الكون الشاسع الدائم الاتساع، لا أتوقّع منك استيعاب تام لصِغرنا ولكن أعتقد أن الفِكرة قد وصلتك.
وحوش الفضاء
إذاً ما هي تلك الوحوش التي تنتشر في الفضاء ولا يستطيع شيء مقاومتها حتى أنها تستطيع أن تجذب الضوء ذاته، بل يتوقّف عندها الزَّمن أيضاً.
أعتقد أنكم قد سمعتم عن “الثقوب السوداء”، ومن منكم لم يسمع فليس عليه القلق فبقيّة هذا المقال تتحدث تفصيلاً عن تلك الوحوش أو الثقوب السوداء وسنعرف تفسير هذا الاسم لاحقاً.
ما هو الثقب الأسود؟
الثقب الأسود هو عبارة عن مكان في الفضاء تكون فيه الجاذبية عالية جداً لدرجة أن الضوء ذاته لا يستطيع الفِرار. وتكون الجاذبية عالية لأن المادة انكمشت في مساحة صغيرة جداً. وهذا يمكن أن يحدث فقط عندما يموت نجم.
ولأن الضوء لا يستطيع الخروج من هذه المنطقة، لا نستطيع رؤية الثقوب السوداء لأن الرؤية تعتمد على اصطدام الضوء المنعكس من سطح الجسم بشبكية العين، وبما أن في حالتنا هذه الضوء الساقط على هذه المنطقة لا يستطيع الفرار والاصطدام بشبكية العين، فإن كل ما يُرى هو السواد. وبذلك فإن الثقوب السوداء في الحقيقة خفيّة. التلسكوبات المستخدمة في دراسة الفضاء وباستخدام أدوات خاصة يمكن أن تساعد في إيجاد الثقوب السوداء. تلك الأدوات يمكنها كشف أن النجوم التي تقع بالقرب من الثقوب السوداء تتصرف بشكل مغاير لبقية النجوم.
ما هو حجم الثقوب السوداء؟
الثقوب السوداء يمكن أن تكون كبيرة أو صغيرة، العلماء يعتقدون أن أصغر الثقوب السوداء تكون بحجم ذَرّة واحِدَة. وتلك الثقوب السوداء الصغيرة جداً يكون لها كتلَة ككتلَة الجبال الشاهقة. والكتلة هي مقدار المادة الموجودة في الجِسم.
نوع آخر من الثقوب السوداء يطلق عليه “ستيلار” أو كترجمة عربية “نجمي” والمقصود بها أنه في حجم النجوم، وكتلته يمكن أن تصل لـ 20 ضعف كتلة الشمس. ويمكن أن يكون هنالك العديد والعديد من الثقوب السوداء النجمية في المجرة التي توجد بها الأرض. ومجرتنا تلك هي “ميلكي واي” أو في العربية “درب التبانة”.
أكبر الثقوب السوداء تسمّى “سوبرماسيف” أو بالعربية “هائلة” وتلك الثقوب السوداء لها كتل تصل لأكثر من مليون ضعف حجم الشمس. وقد وجد العلماء دليل على أن كل مجرة تحتوي بداخلها تقب أسود هائل واحِد في مركز المجرة. والثقب الأسود الهائل الموجود في مجرتنا “درب التبانة” يسمّى “ساجيتاريوس أ” أو كترجمة حرفية للعربية “القوس، أو الرامي” وله كتلة تساوي حوالي 4 مليون ضعف الشمس ومع ذلك فإن حجمه يمكن احتوائه في كرة كبيرة تسع بضعة ملايين ضِعف الأرض.
كيف تتكون الثقوب السوداء؟
العلماء يعتقدون أن أصغر الثقوب السوداء تكونت عندما بدأ الكون.
الثقوب السوداء النجمية تتكون عندما ينهار مركز نَجم على نفسه. وعندما يحدث هذا يؤدي إلى حدوث ما يسمّى “سوبرنوفا” والسوبرنوفا هو عندما ينفَجر نَجم دافعاً جزء منه في الفضاء.
يعتقد العلماء أن الثقوب السوداء الهائلة تكونت في نفس الوقت الذي تكونت فيه المجرة التي تحتوي تلك الثقوب السوداء.
إذا كانت الثقوب السوداء “سوداء” فكيف عرف العلماء بوجودها؟
الثقب الأسود لا يمكن رؤيته ويرجع ذلك لأن جاذبيته القوية تسحب الضوء لوسط الثقب الأسود. ولكن العلماء يمكنهم رؤية تأثير جاذبية الثقب الأسود على النجوم والغازات الموجودة حوله. يستطيع العلماء دراسة النجوم لمعرفة ما إذا كانت هذه النجوم تدور حول أحد تلك الثقوب السوداء.
عندما يقترب ثقب أسود ونجم من بعضهما، ينتج ضوء عالي الطاقة. وهذا النوع من الضوء لا يمكن رؤيته بالعين البشرية. يستخدم العلماء أقمار صناعية وتلسكوبات في الفضاء لرؤية هذا الضوء عالي الطاقة.
حقائق عن الثقوب السوداء
- إذا دخل أي شيء في الثقب الأسود فلن يستطيع الخروج أبداً.
- يمكنه لجاذبيته أن تبتلع نجوماً بأكملها.
- أي شيء يقترب من الثقب الأسود، يسقط بداخله.
- في مركز الثقب الأسود، تكون الجاذبية لانهائية.
- يتوقف الزمن، والمكان يصبح ليس له معنى.
- في مركز كل مجرّة يوجد ثقب أسود هائل وملايين الثقوب السوداء الصغيرة منتشرة في المجرة.
- لا يوجد شيء في الكون له جاذبية أقوى من جاذبية الثقوب السوداء.
- الثقب الأسود خفي تماماً.
- الثقب الأسود سبب رئيسي في تكوّين المجرات.
- بداخل الثقب الأسود، قوانين الفيزياء ليس لها أي معنى.
- يتكون الثقب الأسود عندما ينفجر نجم كبير الحجم.
وفي النهاية، أكتفي بقول إنه لا شيء في الكون يمكن أن يكون مخيفاً أكثر من الثقوب السوداء، فهي بالفِعل وحوشاً تسبح في الفضاء.
اترك رداً